{سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)}قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي مجد الله ونزهه عن السوء.وقال ابن عباس: صلى لله {ما فِي السَّماواتِ} ممن خلق من الملائكة {وَالْأَرْضِ} من شيء فيه روح أولا رو فيه.وقيل: هو تسبيح الدلالة. وأنكر الزجاج هذا وقال: لو كان هذا تسبيح الدلالة وظهور آثار الصنعة لكانت مفهومة، فلم قال: {وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} وإنما هو تسبيح مقال. واستدل بقوله تعالى: {وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ} فلو كان هذا تسبيح دلالة فأي تخصيص لداود؟!قلت: وما ذكره هو الصحيح، وقد مضى بيانه والقول فيه في سبحان عند قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. قوله تعالى: {لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: أنفرد بذلك. والملك عبارة عن الملك ونفوذ الامر فهو سبحانه الملك القادر القاهر.وقيل: أراد خزائن المطر والنبات وسائر الرزق. {يُحْيِي وَيُمِيتُ} يميت الأحياء في الدنيا ويحيى الأموات للبعث.وقيل: يحيي النطف وهي موات ويميت الأحياء. وموضع {يُحْيِي وَيُمِيتُ} رفع على معنى وهو يحيى ويميت. ويجوز أن يكون نصبا بمعنى {لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} محييا ومميتا على الحال من المجرور في {لَهُ} والجار عاملا فيها. {وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي الله لا يعجزه شي. قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ} أختلف في معاني هذه الأسماء وقد بيناها في الكتاب الأسنى. وقد شرحها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرحا يغني عن قول كل قائل، فقال في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: «اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر» عني بالظاهر الغالب، وبالباطن العالم، والله أعلم. {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} بما كان أو يكون فلا يخفى عليه شي.